بقلم / ابراهيم الملاح قال بعضهم: افتخار الناس بستة أشياء، بالملك والقوة والوجه الحسن والأنساب والمال، والفصاحة، فقل لمن يفتخر بالملك: قال تعالى ( الملك لله الواحد القهار ) ولمن يفتخر بالأنساب ( يوم ينفخ في الصور فلا أنساب بينهم ) ولمن يفتخر بالقوة ( عليها ملائكة غلاظ شداد ) ولمن يفتخر بالمال ( يوم لا ينفع مال ولا بنون ) ولمن يفتخر بالفصاحة ( اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم ……) نتحدث عن محدث النعمة. إنه ذلك الشخص الذي أصابته النعمة من بعد طول الحرمان، فقبض عليها بيديه ورجليه وأسنانه، وصار يضرب بسيفها ويستحلبها لكي تجلب له الاحترام والهيبة بأية وسيلة كانت. فهو يشتري ذمم الناس ويجندهم لخدمته ويستوي لديه العالم والجاهل ويصبح مقياسه الوحيد للرفعة هو ما يمتلكه الآخرون من هذا العفن الذي يسمى مالا. وهو يفتقر إلى التقاليد العريقة من الكرم وعفة النفس واحترام الإنسان لذاته. كما أنه لا يقدر من يجود عليه بشيء بل يعتبره واجبا عليه كونه أصبح قيصرا بما أصابه من خير. فمثله كمثل الأرض الجدباء أصابها غيث فأنبتت غرقدا وصبارا. ومحدث النعمة لا ينشغل بالشأن العام ويصيبه الغرور بأنه محظوظ ومهما أصاب الناس من الكرب فهو محصن منه بفضل هذا الخير الذي أتاه على غير توقع وجدارة. وظاهرة محدث النعمة ليست حديثة ولا هي حكر على شعب دون غيره. أي أنك تعرفهم بسيماهم، وبينهم طباع مشتركة لا تخفى على ذي عين فمحدث النعمة يتفاخر بالثراء ويتكبر على من هم أقل مالا منه ولا يستظرف الملح والطرائف ولا يستظرف النكتة الذكية ولا يدرك مرماها ولا تضحكه. وهم ثقيلو الظل وليس لديهم جديد مستظرف ولا فكرة لافتة. وكلما حدثت أحدهم حمدت الله على ضيق ذات اليد وثراء العقل وأصناف النعم الفكرية التي لا يعرفونها ولا تروق لهم. ومحدث النعمة، أعيذكم منها، بخيل ويده مغلولة بحيث يستكثر القليل الذي ينفقه حتى لو كان رئاء الناس، وهو أناني ويعتبر نفسه ثمينا ومتميزا، لذا فهو لا يسارع إلى فعل الخير مهما كان نزرا بسيطا وغالبا ما يكون كسولا، وينتظر الآخرين أن يقدموا له وهو لا يقدم شيئا. ويتخير لصحبته ممن هم على شاكلته، أي محدثو نعمة، أو يصبون إلى ذلك ويجدون